خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

«المتاهة الليبية»

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
محمد خروب يمضي الجنرال الغامض «خليفة حفتر» في طريقه للإمساك بخيوط اللعبة في بلاد مزّقها «الاطالسة» واجهز على ما تبقى منها قادة الميليشيات وتجار السلاح والمخدرات, ولم يعد امام الليبيين من امل حقيقي بانتهاء الازمة التي تعصف بهم, سوى الانتظار ولا شيء غيره، بعد ان تخلّت عنهم عواصم الغرب الاستعماري, التي تولت اسقاط القذافي، واكتفت بذلك دون ان تُبدي اي مسؤولية قانونية او اخلاقية او حتى فعل ندم, تجاه ارتكاباتها التي توجتها بتسليم قيادة الحرب على ليبيا, الى حلف شمال الاطلسي الذي بات شرطي العالم واليد الباطشة التي تأتمر بأمر البيت الابيض الاميركي.

الجنرال حفتر، يبدو انه نجح في استمالة موسكو والقاهرة واخيرا واشنطن الى جانبه, بعد ان زار «الاولى» وعلاقة مع «الثانية» شديدة الدفء حيث لا تخفي القاهرة دعمها له ولجيشه الذي يوصف بالجيش الوطني, فيما الثالثة التي يستعد رئيسها لمغادرة مكتبه البيضاوي, استقبلت الجنرال في زيارة غير معلنة استمرت خمسة ايام (تنتهي غدا) تلبية لدعوة رسمية سبقتها «تغريدة» كتبها المبعوث الاميركي الى ليبيا جوناثان وينر, اشاد فيها «بالتضحيات الصعبة من جنود الجيش الوطني الليبي في القتال ضد الارهاب».

هي اذا رغبة مشتركة وغير مسبوقة منذ خمس سنوات جمعت (ولو من بعيد) بين واشنطن وموسكو والدولة العربية الاكثر تأثيرا في الازمة الليبية ومساراتها ونقصد هنا مصر, التي تدعم حفتر بلا حدود وترى فيه الوحيد القادر على انهاء الفوضى العارمة التي يفرضها الارهابيون وزعماء الميليشيات ومَنْ تناسل من التجمعات العشائرية والقبائلية التي لا تُغادر المشهد الليبي، إلاّ كي تعود بمزيد من الاسلحة والعناصر البشرية والغزوات وخصوصا ان «داعش» قد لحقت به هزيمة كبيرة بعد تحرير «سرت» واعلانها مدينة خالية من هذا التنظيم, الذي لن يختفي بسهولة من ليبيا حيث الاجواء مواتية للعناصر المتطرفة وتلك المحترفة «تأجير» نفسها وبنادقها لكل من يدفع، كي يبقى (داعش) جزءا من المعادلة الليبية، الى ان تنضج ظروف اخرى تسمح باستعادة الامن والهدوء لهذا البلد العربي الذي اخُرِج من التاريخ وتُرِك لمصيره، رغم كل التصريحات «الفخمة» والبليغة التي يدلي بها اطراف الازمة الكثر وآخرهم رئيس حكومة الوفاق الوطني المنتهية مدتها القانونية فايز السراج، الذي دعا يوم امس من الجزائر (وهي دولة ذات تأثير ونفوذ كبيرين في ليبيا تكاد تصل في ذلك الى مرتبة مصر وإن كانت لا تنافس القاهرة على ذلك او تسعى له) الى حوار بين مختلف الاطراف الليبية لاخراج البلاد من راهنها السيئ.

ليس للسرّاج وزن يذكر في المشهد الليبي وخصوصا بعد عام من وجوده على رأس حكومة انزلها «الغربيون» بالمظلة في محاولة لتمرير اتفاق الصخيرات الشهير, الذي لم يجد هو الاخر اي فرصة للتنفيذ، إذ سرعان ما تنصّل منه الموقعون عليه وراحوا يؤولون نصوصه, ما بالك ان الخلاف ما يزال مستمراً بين برلمان طبرق الذي يرأسه عقيلة صالح (وهو لم يمنح حكومة السراج الثقة) وبين مجلس طرابلس وحكومته بزعامة خليفة الغويل، دع عنك ما جرى من تحالفات واصطفافات خلال معركة تحرير «سرت» من داعش و»الغزوة» السريعة والموفقة والمفاجئة التي قامت بها قوات حفتر وسيطرتها على المنطقة المعروفة بالهلال النفطي, ما اسهم في رفع أسهمه وزيادة الاوراق التي يحوزها والتي يستعد (او هو بدأ بالفعل) في استثمارها على النحو الذي نشاهده في زيارته للعواصم الكبرى, وما يمكن ان يطرأ من تغييرات «نوعية وجادة» على المشهد الليبي, إذا ما تمكن حفتر من البروز كرجل انقاذ يحتل مركز القرار في بلاد ممزقة «ويتحصن» بوعود براقة وسخيّة من العواصم الكبرى, ستبقى مجرد وعود لن يتحقق منها شيئاً اعتماداً على قاعدة الرئيس الاميركي المقبل, بأن على الذين يريدون ان نحميهم ,عليهم دفع كلفة هذه الحماية، ما بالك ان ليبيا دولة نفطية وقريبة من اوروبا، ويمكن ان يُشترَط عليها الموافقة على وجود قواعد عسكرية على شواطئها او دوريات اطلسية بالقرب منها, كي تحول دون استمرار تدفق موجات اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين؟

اللافت في كل ما جرى ويجري في ليبيا, هو الغياب الكامل والمريب للجامعة العربية, رغم قيام مجلس الجامعة بتشكيل «لجنة خاصة» بليبيا ورغم–وهذا هو الاهم–ان الجامعة نفسها هي التي شرّعنت غزو ليبيا في عهد امينها العام الاسبق الكلمنجي الكبير عمرو موسى، الأمر الذي رأت فيه عواصم الغرب الاستعماري, ستاراً قانونياً آخر يضاف الى قراري مجلس الأمن 1970، 1973 وهما وإن كانا نصّاً على اقامة منطقة حظر جوي فوق بنغازي بذريعة حماية المدنيين من «مذابح» يحضر لها القذافي، إلاّ ان واشنطن ولندن وخصوصاً باريس ساركوزي قامت بشن غارات واسعة واجرامية استهدفت الجيش الليبي وقواعده الجوية ومخازن اسلحته.

في سباق المنافسة على الفوز بـ»كعكة» الحكم في ليبيا يبدو الجنرال «الغامض» حفتر هو المتقدم حتى الان, ولن يكون السرّاج عقبة حقيقية أمامه أما عقيلة صالح فهو أحد اكبر المؤيدين له، لكن المبعوث الأممي الخاص لليبيا مارتن كوبلر سيظهر كأكبر الخاسرين, خصوصا ان حفتر يزدريه ولا يوافق على مقابلتِه, لا يليق بجنرال مثله ان يُجالِسه او يتباحث معه.

انها المتاهة الليبية التي لن تنتهي قريباً.. في ما يبدو.
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF